في موسم الحج من العام الحادي عشر من البعثة، وجدت الدعوة الإسلامية بذورا صالحة، سرعان ما تحولت إلى شجرات باسقات، اتقى المسلمون في ظلالها الوارفة، من لفحات الظلم والطغيان طيلة أعوام..
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرض نفسه في موسم الحج من كل سنة على القبائل التي تتوافد على البيت الحرام، يتلو عليهم كتاب الله، ويدعوهم إلى توحيد الله، فلا يستجيب له أحد.. يقول جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ مكث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة عشر سنين، يتتبع الناس في منازلهم، بعكاظ ومَجَّنَّة، وفي المواسم بمنى، يقول: من يؤويني؟، من ينصرني، حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟, حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو مصر، فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع.. ) ( أحمد )..
فلما أراد الله إظهار دينه، وإعزاز نبيه، وإنجاز وعده، لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند العقبة (موضع بين منى ومكة ترمى منه العقبة)، ستة من الخزرج ـ أراد الله بهم الخيرـ، كانوا من عقلاء يثرب، أنهكتهم الحرب الأهلية، والتي كان لهيبها لا يزال مستعرا، وهم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطبة بن عامر، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله ، فقال لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من أنتم؟، قالوا: نفر من الخزرج، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أفلا تجلسون أكلمكم؟، قالوا: بلى، فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك، فلا رجل أعز منك.. ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم .
لم يكتف هذا الموكب بالإيمان، وإنما أخذ العهد على نفسه، أن يدعو قومه إلى هذا الدين الذي أكرمهم الله به.. وقد وفَّى كل منهم لدينه ورسوله، فنشطوا في الدعوة إلى الله، فلم تبق دار من دور المدينة إلا فيها ذكر لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. فكان لقاء هؤلاء مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غير موعد، نقطة التحول في التاريخ، وساعة الخلاص والتحرر من عبادة الأحجار والأوثان، بل إنها على التحقيق ساعة الحسم في مصير العالم كله، ونقل الحياة من الظلمات إلى النور..
وما كان يتصور أحد أن يتحول هؤلاء من وثنيين متعصبين إلى موحدين وجنود للحق مخلصين، يذهبون إلى أقوامهم وفي قلوبهم وبين جوانحهم نور الإيمان.. تلك مشيئة الله، وذلك فضل الله الذي هيأ بهذا الموكب وهذا اللقاء أسباب الهداية والسعادة للأرض كلها.
فالسنوات العجاف التي قضاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تطوافا على القبائل، وبحثا عن أرض جديدة للدعوة، قد ولَّت إلى غير رجعة، إذ سيكون بعد اليوم للإسلام قوته ودولته، وسيتقاتل الحق مع الباطل ـ والعاقبة للمتقين ـ، وستتوالى على مكة منذ هذه اللحظة، بشائر الخير، وطلائع النور، التي هيأها الله لهداية الأرض وقيادة البشرية..
فكان أولئك النفر طليعة الدعوة للإسلام في يثرب، حتى إذا استدار العام، وأقبل موسم الحج، خرج من المدينة اثنا عشر رجلا من الذين أسلمواـ فيهم الستة ـ الذين كلمهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الموسم السابق، وعزموا على الاجتماع مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليوثقوا معه إسلامهم ويجددوا عهدهم.. فكانت بيعة العقبة الأولى
كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعرض نفسه في موسم الحج من كل سنة على القبائل التي تتوافد على البيت الحرام، يتلو عليهم كتاب الله، ويدعوهم إلى توحيد الله، فلا يستجيب له أحد.. يقول جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ مكث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بمكة عشر سنين، يتتبع الناس في منازلهم، بعكاظ ومَجَّنَّة، وفي المواسم بمنى، يقول: من يؤويني؟، من ينصرني، حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة؟, حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو مصر، فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريش لا يفتنك، ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع.. ) ( أحمد )..
فلما أراد الله إظهار دينه، وإعزاز نبيه، وإنجاز وعده، لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عند العقبة (موضع بين منى ومكة ترمى منه العقبة)، ستة من الخزرج ـ أراد الله بهم الخيرـ، كانوا من عقلاء يثرب، أنهكتهم الحرب الأهلية، والتي كان لهيبها لا يزال مستعرا، وهم: أسعد بن زرارة، وعوف بن الحارث، ورافع بن مالك، وقُطبة بن عامر، وعقبة بن عامر، وجابر بن عبد الله ، فقال لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من أنتم؟، قالوا: نفر من الخزرج، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: أفلا تجلسون أكلمكم؟، قالوا: بلى، فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه، وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، وقالوا له: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك، فلا رجل أعز منك.. ثم انصرفوا راجعين إلى بلادهم .
لم يكتف هذا الموكب بالإيمان، وإنما أخذ العهد على نفسه، أن يدعو قومه إلى هذا الدين الذي أكرمهم الله به.. وقد وفَّى كل منهم لدينه ورسوله، فنشطوا في الدعوة إلى الله، فلم تبق دار من دور المدينة إلا فيها ذكر لمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. فكان لقاء هؤلاء مع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غير موعد، نقطة التحول في التاريخ، وساعة الخلاص والتحرر من عبادة الأحجار والأوثان، بل إنها على التحقيق ساعة الحسم في مصير العالم كله، ونقل الحياة من الظلمات إلى النور..
وما كان يتصور أحد أن يتحول هؤلاء من وثنيين متعصبين إلى موحدين وجنود للحق مخلصين، يذهبون إلى أقوامهم وفي قلوبهم وبين جوانحهم نور الإيمان.. تلك مشيئة الله، وذلك فضل الله الذي هيأ بهذا الموكب وهذا اللقاء أسباب الهداية والسعادة للأرض كلها.
فالسنوات العجاف التي قضاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تطوافا على القبائل، وبحثا عن أرض جديدة للدعوة، قد ولَّت إلى غير رجعة، إذ سيكون بعد اليوم للإسلام قوته ودولته، وسيتقاتل الحق مع الباطل ـ والعاقبة للمتقين ـ، وستتوالى على مكة منذ هذه اللحظة، بشائر الخير، وطلائع النور، التي هيأها الله لهداية الأرض وقيادة البشرية..
فكان أولئك النفر طليعة الدعوة للإسلام في يثرب، حتى إذا استدار العام، وأقبل موسم الحج، خرج من المدينة اثنا عشر رجلا من الذين أسلمواـ فيهم الستة ـ الذين كلمهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الموسم السابق، وعزموا على الاجتماع مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليوثقوا معه إسلامهم ويجددوا عهدهم.. فكانت بيعة العقبة الأولى